جبل الطفولة
بعينيّ اللتين توازيان سفحك الصيفي
أحتضنك وألف عمري منذ الطفولة حولك
وأداعب بقايا الثلج على جبينك المتعرق
وأمشط أشجار السنديان الملامسة لقدميك
ترى .. كم من الحزن حملت حتى صرت جبلا ؟
وكم استغرقت من الصمت
حتى أنصتت لك الغيوم
كي تسمعً همسَ قِمّتك
الست أنت ؟
يا جبل الطفولة ..
………………………………..
لا زلتَ تنتظرني ولم تكبر
واٍن ارتديت أربع مواسمً ثم خلعتها
تأتيني بأخبار الريح والشمس
وتحمل اليّ سلاماُ من زرقة البحر
وتُخبرٌ القمر عن أحلامي
بأني في ليلةٍ هَمَسْتُ لك من ألف ألف خطوة
حتى تسمعني وحدك
لتَبتسم من طفولتي الطرية
كأوراق صفصافة الساقية
وأكفّ تينةِ صيف غافية
لتُخبره بأنني كنت أخافك
ثم أحببتك ..
فعدتُ لأخاف منك
يا جبل الطفولة ..
………………………………….
أعرف أن قلبكَ حكايةٌ لم أستمع بعد اليها
ودمك جداول باردة تنزف دائما
انتظرني حتى تُحلّق طفولتي حولك
بجناحينِ حنونين
آنذاك فقط
يمكن أن أهمسً لسفح خفيّ فيك
خَجِلا مختبئاً من الكلام
ببضع جملّ دافئةٍ عن حُبكَ الجليدي
عن الأحرف المتناثرة تحت ثلجك الذي لا يرحم
عن الصدى المسجون ظلماً في كهوفك
ظلماً
يا جبل الطفولة
……………………………..
قد تُعيدني خائباً الى طفولتي
أنتظر كما كنت دائما
في أرجوحة بين شروقٍ وغروب
يضحكان من سذاجتي
أفسّرٌ صمتكَ المؤلم
ثم أسال نفسي .. لعلك تسمعني ..
لماذا اذا أخفيتَ كل شيءٍ عني ؟
واخترت أن تكون بكل مشاعرك جبلا قاسياً
يرتدي فصولاً أربعة
وحزناً واحداً
لطالماً أبكى طفلاً يشبهك
عاد اليكَ من مستقبله
لماذا ؟
يا جبل الطفولة ؟؟
