تقارير :
اللاجئون في تركيا بين الحكومة والمعارضة
تركّز موضوع أحد الحوارات في لقاء بثته احدى وسائل الاعلام التركية على مسألة طالبي اللجوء والفارين من الحروب من افغان وسوريين وغيرهم ، حيث ناقش الضيوف عدة مشاكل يعاني منها طالبو اللجوء والمواطنون الأتراك على حد سواء ، كما تطرق بعضهم الى آلية وطرق دخول اللاجئين الى تركيا وظروف حياتهم ومعيشتهم ووسائل استغلالهم من قبل أصحاب العمل والشركات . كما تطرق الحوار الى المشاكل التي يمكن أن تتطور مستقبلا في تركيا بسبب ازدياد اعداد اللاجئين بعد أن تحولت تركيا الى دولة ” هدف ” لللاجئين بدلا من ان تكون دولة أو نقطة ” انتقال ” الى دولة أخرى .
هموم ومشاكل مشتركة :
في البداية ، كان السؤال المطروح يدور حول المشاكل المشتركة التي يعاني منها اللاجئون على مختلف اعراقهم في تركيا ، وفي ولاية اسطنبول على وجه الخصوص .
إحدى المشاكل المشتركة التي يعاني منها اللاجئون هي مشكلة ” الاستبعاد ” أو ” الاقصاء ” من قبل افراد المجتمع التركي ، كما أن المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها الأتراك وفي مقدمتها مشكلة التضخم ألقت بظلالها ايضا على اللاجئين بشكل عام ، خصوصاً أن غالبيتهم يعملون باجور بخسة ، وربما تحت خط الفقر .
ويشكو قسم من اللاجئين الذين لم يستطيعوا الحصول على وثائق في تركيا مثل ” الكملك ” أو ” الاقامة ” من عدم قدرتهم على تحصيل أجورهم من أصحاب العمل الذين قاموا باستغلالهم ومن ثم طردهم أو استبعادهم من العمل ، وذلك لتعذر تقديم اي طلب أو شكوى لدى الشرطة أو المحكمة .
ويضّطر أغلب اللاجئين من الذين لا يملكون وثائق قانونية للعمل في أماكن يصعب الوصول اليها من قبل لجان الرقابة والتفتيش كالعمل في مجال غسيل الأطباق أو الانشاءات ، وفي حال حضور لجان المراقبة يتم إخفاؤهم من قبل أصحاب العمل حتى مغادرة تلك اللجان .
وربما تعد مشكلة السكن أو المأوى بالنسبة للاجئين من أكبر واهم المشاكل التي بدأت بالازدياد خصوصاً بعد كارثة الزلزال الأخير الذي أصاب عدة ولايات تركية ، فيضطر أغلبهم للسكن معاً وبأعداد كبيرة ، ( ٨ أو ٩ ) أشخاص في منزل واحد ، وهو أمر يمكن أن يتسبب في خلق مشاكل اخرى ضمن المبنى أو الحي.
ما هو وضع الحدود مع إيران ؟
من المعروف أن قسما كبيرا أو غالبية اللاجئين الأفغان يتمكنون من دخول الأراضي التركية من ولاية فان شرقي تركيا ، والمحاذية للحدود الايرانية التركية بمساعدة عصابات تعمل في مجال تهريب المخدرات والبشر كانت قد وصلت بحسب خبرتها الطويلة الى حد الاحتراف ، حيث انتقلت هذه الحرفة مؤخرا بحسب أحد الضيوف الى اللاجئين الافغان انفسهم ، مختصرين بذلك مشاكل عدّة كانت تواجه اللاجئين الأفغان .
من بعض هذه المشاكل : مشكلة التواصل أو اللغة ومشكلة تأمين العمل ، فأصبحت عملية تأمين وصول اي لاجىء ، وتأمين مكان اقامته وعمله مضمونةً بمجرد تفكيره باللجوء الى تركيا وقبل وصوله ..!
ويستغل تجار البشر والمهربون المحترفون أشهر فصل الشتاء القاسية والليالي العاصفة خصوصاً لتنفيذ عمليات التهريب وذلك تجنباً للدوريات وكاميرات المراقبة الحرارية .
وبحسب بعض الاحصائيات التي تكررها المعارضة ، فان عدد المتسللين عبر الحدود الى تركيا من الحدود الايرانية قد يصل حتى ٤٠٠ شخص يوميا .
ومما ساهم في ازدياد عدد اللاجئين الفارين من أفغانستان الى تركيا هو قرار صدر مؤخرا من قبل الحكومة الباكستانية يقضي بخروج جميع اللاجئين الأفغان من الاراضي الباكستانية ، وفي حال عدم خروجهم فستتكفل السلطات الباكستانية باعادتهم الى حكومة طالبان التي فروا منها أساساً ، الأمر الذي دفع باللاجئين الافغان للهروب الى تركيا مرورا بايران .
وجواباً على سؤال حول سبب عدم بقاء الأفغان في ايران ، واستبعادهم لها كملاذ آمن فان اختلاف المذهب الديني بين الايرانيين والافغان ( سنة × شيعة ) بات يشكل رعباً حقيقياً لدى الأفغان ،خصوصاً بعد تعرض الكثير منهم لهجمات وتهديدات بالقتل من قبل مواطنين إيرانيين فقط بسبب انتمائهم للمذهب السني .
دور الموساد في تجنيد اللاجئين
استناداً الى بعض ملاحظات أحد عملاء جهاز الاستخبارات الاسرائيلي ( الموساد ) في كتاب ” خفايا الحرب ” – بحسب أحد الضيوف – فان إدخال الجواسيس من خلال موجات اللجوء وتجنيدهم لصالح الموساد الاسرائيلي أثبت فاعلية فائقة .
ولاشك أن هناك الكثير من الضباط وعناصر الجيش والجواسيس الذين كانوا يعملون في أفغانستان لصالح المخابرات الامريكية والبريطانية ، كانوا قد وصلوا الى تركيا بانتظار وعود بنقلهم الى أمريكا وبريطانيا ، الا أنهم كانوا قد خُذولوا من قبل هاتين الدولتين اللتين طلبتا من هؤلاء العناصر بعض الشروط التعجيزية التي تضمنت تأمين بعض الوثائق التي لم يستطيعوا الحصول عليها من أجل سفرهم .
لكن بعض هؤلاء العناصر المدربة سابقا في افغانستان لا يزالون على تواصل ولقاء مع مدربيهم أو قاداتهم الامريكان والاوربيين في تركيا ، حيث ذكرت بعض الصحف الامريكية قيام ضباط امريكيين بلقاء بعض مساعديهم الافغان ضمن الاراضي التركية.
مخاوف جدية حول مستقبل تركيا مع استمرار تدفق اللاجئين :
يكشف أحد الصحفيين في مداخلته عن خطة قد يقوم بها الاتحاد الأوربي تتعلق بجعل تركيا مستودعاً أو مركزاً لتدريب وتأهيل اليد العاملة من اللاجئين الوافدين اليها ، حيث سيتم لاحقا اختيار العمال المؤهلين والأكفاء للعمل في مهن معينة في الاتحاد الأوربي ، لكن بشرط عدم احضار أفراد عائلات العمال وابقائهم في تركيا .
أي أن تركيا ستتحول الى مركز لاستقدام وتدريب العمالة الأجنبية من اللاجئين ، ومن ستقوم بنقلهم بطرق قانونية الى الاتحاد الاوربي بحسب الطلب والحاجة ..
ومع تطبيق بعض القرارات الاوربية المتعلقة باتفاقية اعادة اللاجئين القادمين اليها من تركيا بطريقة غير شرعية الى الاراضي التركية مرة ثانية ، وقيام السلطات الباكستانية باخراج الافغان المتواجدين على اراضيها واضطرارهم للهروب عبر ايران الى تركيا ، إضافة الى دخول قسم من اللاجئين من الحدود السورية ، والازدياد الكبير في نسب الولادات ضمن اللاجئين مقارنة بالمواطنين الاتراك ، فإن التغيير في التركيبة السكانية أوالديموغرافية في تركيا سيكون نتيجة حتمية في المستقبل القريب بحسب بعض المحللين ، حيث يؤكد البعض على ضرورة تحمل الحكومة التركية مسؤولياتها تجاه مسألة اللاجئين ، وذلك بإظهار خطوات جدية تتعلق بضرورة تغيير سياساتها المتبعة تجاههم .
ويتفق الكثير من المعارضين بأن التحذيرات التي يطلقونها مراراً وتكراراً والمتعلقة باللاجئين تصب جميعها في مصلحة اللاجئين انفسهم ، لانها تضمن حقوقهم ، وتتكفل بعدم استغلالهم من قبل أي جهة أو طرف سياسياً أو اقتصادياً .